samedi 5 août 2017

واحـــة الذاكريـــن

ينبغي أن يعلم هنا أن ذكر الله جلّ وعلا ليس هو مجردَ التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير نعم هذا أجل الذكر وأفضله لكن ذكر الله عز وجل ليس منحصرا في هذا بل ذكر الله جلّ وعلا يتناول أنواعا مهمة جاء تبيانها وإيضاحها في كتاب الله جلّ وعلا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وكلها داخلة في الذكر لله تبارك وتعالى وهي في الجملة عباد الله ترجع إلى أربعة أنواع فتنبهوا لها رعاكم الله. أما النوع الأول في ذكر الله تعالى فهو بإنشاء الثناء عليه تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ثناء وتمجيدا وتقديسا وتنزيها ومن ذلكم عباد الله الكلمات الأربع التي وصفهن عليه الصلاة والسلام بأنهن أحب الكلام إلى الله وقال في حديث آخر لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس وكل ذكر مأثور وثناء وارد في القرآن والسنة على الله جلّ وعلا فهو داخل في هذا النوع. النوع الثاني عباد الله الإخبار عن الله تبارك وتعالى بأحكام أسمائه وصفاته فهذا ذكر لله تعالى وأي ذكر، ذكر لله تبارك تعالى عظيم أن تذكره سبحانه بذكر أحكام أسمائه وصفاته فالإخبار عن الله بأنه يسمع ويرى يسمع أصوات العباد ويرى أعمالهم ويعلم أحوالهم وأنه تبارك وتعالى يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات وأنه أرحم بالناس من آبائهم وأمهاتهم وأنه يغفر السيئات ويقيل العثرات ويجبر الكسير ويغيث الملهوف إلى غير ذلك من الإخبار عنه جلّ وعلا فكل ذلك ذكر له سبحانه وبهذا نعلم عباد الله أن كتب العقائد المؤلفة على نهج أهل السنة كلها كتب ذكر لله جل وعلا فهي ذكر لله بمعرفته ومعرفة عظمته ومعرفة جلاله وكماله ومعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العليا فكل ذلك ذكر لله تبارك وتعالى . النوع الثالث عباد الله ذكر الله تبارك وتعالى بذكر أمره ونهيه والإخبار عنه جلّ وعلا بأنه أمر بكذا ونهى عن كذا وأحل كذا وحرم كذا ورضي هذا وسخط ذاك فكل ذلك ذكر لله جلّ وعلا قال عطاء الخراساني رحمه الله مجالس الحلال والحرام مجالس ذكر لله كيف تصلي كيف تصوم كيف تحج كيف تبيع وتشتري كيف تنكح وتطلق وأشباه ذلك كل ذلك ذكر لله تبارك وتعالى بذكر أمره جلّ وعلا ونهيه وبهذا نعلم عباد الله أن الكتب المؤلفة في بيان الأحكام وفقه الشريعة وبيان الأعمال وفروع الأعمال كل هذه الكتب ذكر لله جلّ وعلا فمذاكرتها ومدارستها وتعلم الأحكام الواردة فيها كل ذلك من إقامة ذكر الله جلّ وعلا . النوع الرابع عباد الله ذكر الله تبارك وتعالى عند أمره ونهيه فاذكره جلّ وعلا عند أمره لتفعل المأمور وتذكره جلّ وعلا عند نهيه لتترك المنهي وتجتنبه وهذا عباد الله يبن لكم خللا يقع فيه كثير من الناس ألا وهو أنهم يذكرون الله بذكر أمره ونهيه فيعلمون أنه أمر بكذا فلا يفعلونه وأنه نهى عن كذا فيقترفونه وذلك لقلة وضعف ذكرهم لله عند أمره ونهيه سبحانه فإذا قام بقلب المسلم ذكر لله تعالى عند الأوامر والنواهي يعظم إقباله على الله عز وجل طاعة وتذللا وخشوعا وخضوعا وانقيادا وامتثالا وحظ العبد من ذلك بحسب حظِّه من الذكر لله جلّ وعلا عباد الله فهذه أنواع أربعة لذكر الله جلّ وعلا مبينة في كتاب ربنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام وكلها من إقامة ذكر لله عز وجل وقد أوضح هذه الأنواع إيضاحا عظيما وبينها بيانا شافيا وافيا الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه الوابل الصيب وهو كتاب عظيم النفع كبير الفائدة لا يستغني عنه كل مسلم وقد ذكر رحمه الله عقب بيانه لهذه الأنواع أن من ذكر الله عز وجل بها فقد أتى بأفضل الذكر و أعظمه وأجله جعلنا الله جميعا من الذاكرين له حقا ومن الشاكرين له صدقا ومن العاملين بطاعته على ما يحب سبحانه
أنواع الذكر الذكر نوعان: أحدهما: ذكر أسماء الرب تبارك وتعالى وصفاته، والثناء عليه بهما، وتنزيهه وتقديسه عما لا يليق به تبارك وتعالى، وهذا ايضا نوعان: أحدهما: إنشاء الثناء عليه بها من الذاكر، فأفضل هذا النوع أجمعه للثناء وأعمه، نحو "سبحان الله عدد خلقه". النوع الثاني: الخبر عن الرب تعالى بأحكام أسمائه وصفاته، نحو قولك: الله عز وجل يسمع أصوات عباده. وأفضل هذا النوع: الثناء عليه بما أثنى به على نفسه، وبما أثنى به عليه رسول الله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تشبيه ولا تمثيل. وهذا النوع أيضا ثلاثة أنواع: 1- حمد. 2- وثناء. 3- و مجد. فالحمد لله الإخبار عنه بصفات كماله سبحانه وتعالى مع محبته والرضا به، فإن كرر المحامد شيئا بعد شيء كانت ثناء، فإن كان المدح بصفات الجلال والعظمة والكبرياء والملك كان مجدًا. وقد جمع الله تعالى لعبده الأنواع الثلاثة في أول الفاتحة، فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين) قال الله:{ حمدني عبدي }، وإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال: { أثنى علي عبدي }، وإذا قال: (مالك يوم الدين) قال:{ مجدني عبدي} [رواه مسلم]. النوع الثاني من الذكر: ذكر أمره ونهيه وأحكامه: وهو أيضا نوعان: أحدهما: ذكره بذلك إخبارا عنه بأنه أمر بكذا، ونهيه عن كذا. الثاني: ذكره عند أمره فيبادر إليه، وعند نهيه فيهرب منه، فإذا اجتمعت هذه الأنواع للذاكر فذكره أفضل الذكر وأجله وأعظمه فائدة. فهذا الذكر من الفقه الأكبر، وما دونه أفضل الذكر إذا صحت فيه النية. و من ذكره سبحانه وتعالى: ذكر آلائه وإنعامه وإحسانه وأياديه، وموا قع فضله على عبيده، وهذا أيضا من أجل أنواع الذكر. فهذه خمسة أنواع، وهي تكون بالقلب واللسان تارة، وذلك أفضل الذكر. وبالقلب وحده تارة، وهي الدرجة الثانية، وباللسان وحده تارة، وهي الدرجة الثالثة. فأفضل الذكر: ما تواطأ عليه القلب واللسان، وإنما كان ذكر القلب وحده أفضل من ذكر اللسان وحده، لأن ذكر القلب يثمر المعرفة بالله، ويهيج المحبة، ويثير الحياء، ويبعث على المخافة، ويدعو إلى المراقبة، ويزع عن التقصير في الطاعات، والتهاون في المعاصي والسيئات، وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئا من هذه الآثار، وإن أثمر شيئا منها فثمرة ضعيفة. الذكر أفضل من الدعاء الذكرأفضل من الدعاء، لأن الذكر ثناء على الله عز وجل بجميل أوصافه وآلائه وأسمائه، والدعاء سؤال العبد حاجته، فأين هذا من هذا؟ ولهذا جاء في الحديث: { من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين }. ولهذا كان المستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله تعالى، والثناء عليه بين يدي حاجته، ثم يسأل حاجته، وقد أخبر النبي أن الدعاء يستجاب إذا تقدمه الثناء والذكر، وهذه فائدة أخرى من فوائد الذكر والثناء، أنه يجعل الدعاء مستجابا. فالدعاء الذي يتقدمه الذكر والثناء أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد، فإن انضاف إلى ذلك إخبار العبد بحاله ومسكنته، وإفتقاره واعترافه، كان أبلغ في الإجابة وأفضل. قراءة القرأن أفضل من الذكر قراءة القرآن أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الدعاء، هذا من حيث النظر إلى كل منهما مجردا. وقد يعرض للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل، بل يعينه، فلا يجوز أن يعدل عنه إلى الفاضل، وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود، فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما، بل القراءة فيهما منهي عنها نهي تحريم أو كراهة، وكذلك الذكر عقيب السلام من الصلاة- ذكر التهليل، والتسبيح، والتكبير، والتحميد- أفضل من الاشتغال عنه بالقراءة، وكذلك إجابة المؤذن. وهكذا الأذكار المقيدة بمحال مخصوصة أفضل من القراءة المطلقة، والقراءة المطلقة أفضل من الأذكار المطلقة، اللهم إلا أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القران، مثاله: أن يتفكر في ذنوبه، فيحدث ذلك له توبة واستغفارا، أو يعرض له ما يخاف أذاه من شياطين الإنس والجن، فيعدل إلى الأذكار والدعوات التي تحصنه وتحوطه. فهكذا قد يكون اشتغاله بالدعاء والحالة هذه أنفع، وإن كان كل من القراءة والذكر أفضل وأعظم أجرا. وهذا باب نافع يحتاج إلى فقه نفس، فيعطي كل ذى حق حقه، ويوضع كل شيء موضعه. ولما كانت الصلاة مشتملة على القراءة والذكر والدعاء، وهي جامعة لأجزاء العبودية على أتم الوجوه، كانت أفضل من كل من القراءة والذكر والدعاء بمفرده، لجمعها ذلك كله مع عبودية سائر الأعضاء. فهذا أصل نافع جدا، يفتح للعبد باب معرفة مراتب الأعمال وتنزيلها منازلها، لئلا يشتغل بمفضولها عن فاضلها، فيربح إبليس الفضل الذي بينهما، أو ينظر إلى فاضلها فيشتغل به عن مفضولها وإن كان ذلك وقته، فتفوته مصلحته بالكلية، لظنه أن اشتغاله بالفاضل أكثر ثوابا وأعظم أجرا، وهذا يحتاج إلى معرفة بمراتب الأعمال وتفاوتها ومقاصدها، وفقه في إعطاء كل عمل منها حقه، وتنزيله في مرتبته.
أنواع الدعاء النوع الأول: دعاء العبادة: وهو طلب الثواب بالأعمال الصالحة: كالنطق بالشهادتين والعمل بمقتضاهما، والصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، والذبح لله، والنذر له، وبعض هذه العبادات تتضمن الدعاء بلسان المقال مع لسان الحال كالصلاة. فمن فعل هذه العبادات وغيرها من أنواع العبادات الفعلية فقد دعا ربه وطلبه بلسان الحال أن يغفر له، والخلاصة أنه يتعبد لله طلباً لثوابه وخوفاً من عقابه. وهذا النوع لا يصح لغير الله تعالى، ومن صرف شيئاً منه لغير الله فقد كفر كفراً أكبر مخرجاً من الملة، وعليه يقع قوله تعالى([1]): {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين}([2]). وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}([3]). النوع الثاني: دعاء المسألة: وهو دعاء الطلب: طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو كشف ضر، وطلب الحاجات، ودعاء المسألة فيه تفصيل كالتالي: أ‌- إذا كان دعاء المسألة صدر من عبد لمثله من المخلوقين وهو قادر حي حاضر فليس بشرك. كقولك: اسقني ماءً، أو يا فلان أعطني طعاماً، أو نحو ذلك فهذا لا حرج فيه، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ”من سأل بالله فأعطوه، ومن استعاذ بالله فأعيذوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه“([4]). ب‌- أن يدعو الداعي مخلوقاً ويطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله وحده، فهذا مشرك كافر سواء كان المدعو حيّاً أو ميتاً، أو حاضراً أو غائباً، كمن يقول: يا سيدي فلان اشف مريضي، رد غائبي، مدد مدد، أعطني ولداً، وهذا كفر أكبر مخرج من الملة، قال الله تعالى: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُير}([5]). وقال سبحانه: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ، وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}([6]). وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}([7]). وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلآ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ}([8]). وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ، يَدْعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ، يَدْعُواْ لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ}([9]). وقال تعالى: {يَآ أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ، مَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}([10]). وقال تبارك وتعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ، إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلا الْعَالِمُونَ}([11]). وقال سبحانه: {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ، وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}([12]). قال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ، إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُواْ دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا اسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}([13]). قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ مَن لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ، وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}([14]). وكل من استغاث بغير الله أو دعا غير الله دعاء عبادة أو دعاء مسألة فيما لا يقدر عليه إلا الله فهو مشرك مرتد كما قال سبحانه: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَآئِيلَ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}([15]). وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا}([16]). وقال تعالى: {فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ}([17]). وقال عز وجل: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ}([18]). وقال سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}([19]). الفرق بين الاستغاثة والدعاء: الاستغاثة: طلب الغوث: وهو إزالة الشدة، كالاستنصار: طلب النصر، والاستغاثة: طلب العون. فالفرق بين الاستغاثة والدعاء: أن الاستغاثة لا تكون إلا من المكروب، والدعاء أعم من الاستغاثة، لأنه يكون من المكروب وغيره. فإذا عُطِفَ على الدعاء الاستغاثة فهو من باب عطف العام على الخاص، فبينهما عموم وخصوص مطلق، يجتمعان في مادة، وينفرد الدعاء عنها في مادة، فكل استغاثة دعاء وليس كل دعاء استغاثة. ودعاء المسألة متضمن لدعاء العبادة، ودعاء العبادة مستلزم لدعاء المسألة، ويراد بالدعاء في القرآن دعاء العبادة تارة، ودعاء المسألة تارة، ويراد به تارة مجموعهما([20]). ([1]) انظر: فتح المجيد ص 180 والقول المفيد على كتاب التوحيد للعلامة ابن عثيمين 1/117، وفتاوى ابن عثيمين 6/52. ([2]) سورة غافر، الآية: 60. ([3]) سورة الأنعام، الآيتان: 162، 163. ([4]) أبو داود برقم 1672، والنسائي 5/82، وأحمد في المسند 2/68، 99، وانظر: التعليق المفيد على كتاب التوحيد لسماحة الشيخ العلامة ابن باز ص 91 وص 245. ([5]) سورة الأنعام، الآية: 17. ([6]) سورة يونس، الآيتان: 106، 107. ([7]) سورة الأعراف، الآية: 194. ([8]) سورة الأعراف، الآية: 197. ([9]) سورة الحج، الآيات: 11-13. ([10]) سورة الحج، الآيتان: 73-74. ([11]) سورة العنكبوت، الآيات: 41-43. ([12]) سورة سبأ، الآيتان: 22، 23. ([13]) سورة فاطر، الآيتان: 13، 14. ([14]) سورة الأحقاف، الآيتان: 5، 6. ([15]) سورة المائدة، الآية: 72. ([16]) سورة النساء، الآية: 116، وفي آية 48 {فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}. ([17]) سورة الشعراء، الآية: 213. ([18]) سورة الزمر، الآيتان: 65، 66. ([19]) سورة الأنعام، الآية: 88. ([20]) انظر: فتح المجيد ص 180.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire