samedi 5 août 2017

وجوب التوبة على الفور

" وجوب التوبة على الفور " إذا كان عموم الناس محتاجين إلى التوبة، فإنه لا بد وأن يكونوا مشتغلين بها في كل حين وآن، وقد دّلت النصوص المتضافرة على أن المبادرة بالتوبة من الذنب فرضٌ على الفور، ولا يجوز تأخيرها، وأن التوبة عند المعاينة لا تنفع؛ لأنها والحالة هذه تصبح توبة ضرورة لا اختيار . لهذا كان قبول التوبة حقٌ على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب، قبل أن تنقطع الآمال وتحضر الآجال، وتساق الأرواح سوقًا، ويغلب المرء على نفسه؛ قال تعالى : "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" [النساء: 17، 18] .

فمتى تاب العبد إلى الله نادمًا على ما فعل جادًا عازمًا باذرًا بذور التقوى والعمل الصالح راجيًا رحمة ربه، قَبِلَ الله توبته، لا يتركه منبوذًا حائرًا، ولا يدعه مطرودًا خائفًا؛ بل يدله على الطريق ويأخذ بيده، ويسند خطواته، وينير له الطريق، ولا على العبد حينئذ سوى : 1- أن يُعجَّل بالتوبة؛ حتى لا تصير المعاصي رانًا وطبعًا لا يقبل المحو . 2- أن يعجلها قبل الموت أو المرض : وليحذر المغرورون الذين يعملون السيئات ويصرون على المعاصي ويسوفون في التوبة، حتى إذا حضر أحدهم الموت قال: إني تبت الآن. وقد رسخت المعاصي في قلبه، وأنست بها نفسه، حتى صارت ملكات وعادات يتعذر أو يتعسر عليه الإقلاع عنها، حتى إذا جاءه الأجل الموعود، فاضطر إلى التوبة بعد أن لجَّت به الغواية، وأحاطت به الخطيئة، فهو لم يتب إلا حين عاين العذاب وحضره الأجل، ولم يعد هناك متسع لارتكاب الذنوب .

فهذه التوبة غير صحيحة بل هي مردودة لأنها لا تُنشيء صلاحًا في القلب ولا استقامة في الحياة؛ ذلك لأنها توبة اضطرار لا اختيار؛ فهي كالتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها، ويوم القيامة، وعند معاينة بأس الله – تعالى . فليبادر المؤمن بالتوبة إلى الله قبل أن يحضر الأجل، وينقطع الأمل، فيندم ولات ساعة مندم، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

" تأخير التوبة ذنب تجب التوبة منه " إن العبد إذا عمل المعصية وخطرت بباله التوبة فإنه ينبغي عليه أن يسارع إلى ذلك ولا يركن إلى التسويف والأماني؛ فإنه لا يدري متى تنقضي أيامه، وتنقطع أنفاسه، وتنصرم لياليه . وقد دعا القرآن الكريم إلى الاعتراف بالذنب والمبادرة بالتوبة، قال الله – تعالى -: "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" [النساء: 17] . فقبول هذه التوبة حقٌ للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب؛ إنه حق كتبه الله على نفسه رحمة منه وفضلاً، وكل من عصى الله خطأ أو عمدًا فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب (انظر «تفسير ابن كثير» سورة النساء، الآية: 17). فالمبادرة إلى التوبة من الذنب فرضٌ على الفور ولا يجوز تأخيرها؛ فإن أخرها وجب عليه أن يتوب، وتعد هذه توبة من تأخير التوبة .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire